أخي الكريم , الحب أمر ليس باختيار الإنسان حتى يحاسب عليه , وقد رفع الله التكليف عن الإنسان فيما ليس له اختيار فيه , فالحب يدخل قلب الإنسان بدون اختياره .. وقد قال البعض هو اضطراري وليس اختياري فهو بمنزلة محبة الظمآن للماء البارد والجائع للطعام وهذا مما لا يملك
وقالو العشق نوعآ من العذاب والعاقل لايختار عذاب نفسه0
فالحب هو هدية الله للإنسان حتى يستطيع أن يعيش به فلولا الحب لما تعايش الإنسان مع من حوله ولما تعايشت الكائنات مع من حولها , فالإنسان يحب أهله ويحب أصدقائه ويحب بلده ويحب الأشياء من حوله , فهذا هو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ينظر إلى جبل أحد وعيناه تبرقان حباً ورحمة ويقول ( جبل يحبنا ونحبه ) فقد كانت نظرات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للأشياء من حوله نظرة حب ورحمة ..
فالحب هو ذالك الرباط السحري الذي تتمسك به الأكوان انه روضة الحياة واريجها الفواح وعطرها الذي تنتشي منه الارواح
وقد عرف علماء الكيمياء سابقاً الحب وأسموه بالإكسير , لأنهم كانوا يعتقدون أن هناك مادة أسمها الإكسير تحيل الحديد إلى فضة والفضة إلى ذهب , وهذا هو شأن الحب فهو يحيل الرذائل إلى فضائل , فيحيل البخل إلى كرم والخوف إلى إقدام والجبن إلى شجاعة , ولهذا فحينما يحب الشاب العاطل ويخلص في حبه يصبح إنسان عامل معطاء , وحين تحب الفتاة الكسولة التي تحب النوم الطويل ولاتتقن فن الطبخ ولا ولا , ينتشلها الحب من كسلها فتصبح فتاة تقاوم النوم الطويل وتسهر الليل في خدمة أطفالها , وتتفنن في المطبخ لإرضاء زوجها .. وهذا للأسف مالايفهمه كثير من الآباء فهم يرون أبنتهم مازالت صغيرة ولاتفقه شيء من أمور الزواج فهي غير قادرة على مواجهة هذه الأعباء حالياً , ولو عرفوا أن الحب سيطور سريعاً من عقلها وطريقة تفكيرها , وسينقلها نقلة كبيرة وسريعة من فتاة لأخرى لما تأخروا كثيراً في تزويج أبنتهم ..
أخي الحب الحقيقي هو الذي يحيل الإنسان الجبان إلى إنسان مقدام شجاع في سبيل محبوبه , وانظر إلى مايضرب بها المثل في الجبن وهي الدجاجة , فهي تعتبر من أجبن المخلوقات تدرج وتمشي في خوف وما أن تجد دودة أو حبة شعير حتى تلتقطها مسرعة في أنانية مفرطة لمن حولها , وما أن تسمع صوت طفل حتى تعدو مسرعة ..
ولكن نفسها هذه الدجاجة ما إن تصبح أماً ويمتلك الحب حنايا قلبها , تصبح أكثر شجاعة وقوة وكرم , فتراها وقد أطبقت جناحيها وأفردتهم وهي تمشي كا لمحارب وقد بدت أكبر حجماً مما مضى وصار صوتها أكثر خشونة ولو أن تقدم رجل كبير وحاول أن يعتدي على من تحب لدافعت عنهم بكل شجاعة وبسالة , فتضل يقضه شجاعة , وهي تلك التي كانت أنانية , أصبحت الآن ما إن ترى حبة شعير أو دودة حتى تنادي من تحب لتضل هي جائعة فقد تغيرت الأنانية إلى كرم ..
ولهذا قال علماء الأخلاق أفضل وأسرع طريقة لعلاج الرذائل هي الحب , فهناك طريقتين , طريقة الفلاسفة وطريقة علماء السلوك ..
طريقة الفلاسفة :
يقولون أن تمسك خصلة من الأخلاق الرذيلة وتضل تعالجها على حدة حتى تنتهي , فمثلاً تأخذ صفة البخل وتضل تحاول علاجها بالصدقة والكرم والضيافة فترة من الزمن حتى تتخلص منها , ثم تنتقل للصفة الثانية وهكذا ..
طريقة علماء الأخلاق والسلوك :
يقولون إن طريقة الفلاسفة مجدية .. لكنها تحتاج لوقت طويل , ولكي يختصروا الوقت عليهم بالحب , مثل حب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أو أحد العلماء الربانيين لأن الحب سيصبح مثل المغناطيس , فلو كان لديك برادة حديد وقد اختلطت بالرمل , فمن الصعب أن تفصل كل من الحديد والرمل كل على حده وسيستغرق منك ذلك وقتاً طويلاً , ولو أخذت المغناطيس (الحب) لاستطعت في لحظة أن تفصل البرادة عن الرمل ..
إن الحب كحب هو من أجمل ماوهبنا أياه الله تعالى , وبالنسبة لماقصدته أخي السائل فأعتقد أنك تسئل عن حب وعشق الفتيات , فيا أخي الحب يدخل القلب بدون استئذان فلاحاجة للإنسان أن يبحث عنه عبر أسلاك الهاتف أو عبر خطوط الانترنت , لأن هذا ليس بالحب الحقيقي , وإنما هو هوى النفس وشهواتها وهي تزين لك ذلك على أن هذا هو الحب ..
الحب الحقيقي بين أي شاب وشابة هو الذي ينتهي بالزواج , ولايستمر لأجل الاستمرار , أو مايقوله البعض من أنه يجب أن نحب بعضاً فترة ونتعرف على بعض ثم نقرر بعد ذلك هل نحن صالحين للزواج أو لا ..
أخي الكريم من خلال خبرتي بالحياة ومن خلال ماقمت به من عمل بحوث وجدت إنه كل ماطالت فترة الحب قبل الزواج بائت بالفشل , ولكي أوضح لك الأمر أكثر ..
قبل فترة عملت بحث عن الطلاق بالسعودية وكانت شرائح البحث من مناطق مختلفة بالمملكة , وكانت من النتائج المذهلة التي حصلت عليها , إن أكثر من 90 % من حالات الطلاق كانت لأتفه الأمور ويمكن علاجها , والأمر المهم الذي نحن بصدده هو إني سألت أحد المشائخ بالمحكمة عن أكثر حالات الطلاق لدينا بالسعودية وماهي أسبابها فأجابني فوراً إن أكثر نسب الطلاق هي (غير المدخول بها) وحينما سألته ماذا يعني ؟ قال لي يعني أن تضل البنت مخطوبة لسنتين أو أكثر وحينها ستبدء الخلافات بينها وبين خطيبها وحبيبها وكل منهم يقرر إنه مازال على البر فينفصلون ويحدث الطلاق , وللأسف يعاملها المجتمع كمطلقة ويصبح نصيبها في الزواج مرة أخرى أقل بكثير من قريناتها ..
ماأردت أن أبينه لك أن الحب الحقيقي هو الذي ينتهي بالزواج وليس الحب لأجل الحب ولايطول فترة طويلة لأنه كل ماطال أصبحت إحتمالات نهايته قوية , وهناك مثل خاطيء سمعته وهو (أن الزواج يقتل الحب) وهذا غير صحيح لأن الزواج يشذب الحب ويحيله إلى حب صادق فتنتهي فورة الوله والعشق وتبدء مرحلة أكبر وهي مرحلة المودة والرحمة التي عبر الله عنها {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (21) سورة الروم
يقول أحدهم بأنه ذهب لأحد متاحف الرومان فوجد هناك نحت لشاب وفتاة كالقمر على السرير وهما أشبه بالعاريان , حيث كان الشاب واضعا رجل على السرير ورجل على الأرض في هيئة الهروب , وحينما سأل المرشد السياحي عن معنى ذلك , قال له هذا مايفعله العشق , فما ان يصل المعشوق لمعشوقته حتى ينتهي الوصال وتنطفي حرارة الوله , فيدير ظهره لها ويردي أن يغادرها , وهذا مالايفعله الزواج حيث المودة والرحمة ..
أخي الكريم الحب ليس بحرام ولكن اللعب على بنات الناس بأسم الحب هو الحرام , وتمضية الوقت لأجل التسلية بأسم الحب هو الحرام , واللعب بمشاعر الآخرين بأسم الحب هو الحرام ..
إن أحببت فتاة وكنت صادقاً في حبك لها فأنت على خيارين إما الزواج منها فوراً وعدم التأخر في ذلك حتى لاتقعوا في حرج شرعي , و أن لم تستطع ورأيت ذلك مستحيلاً فاتركها لله ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خير منه .. وشكراً .